ليكيب نيوز
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية تصل إلى 31% على الواردات القادمة من جنوب إفريقيا، وهو الإعلان الذي جاء عبر منصة “تروث سوشيال”. وقد وصف ترامب مجموعة “بريكس” بأنها “تحالف معادٍ لأمريكا”، مما أثار ردود فعل قوية على مستوى الاقتصاد والسياسة في جنوب إفريقيا.
ويأتي هذا التصعيد في العلاقات بين واشنطن وبريتوريا مباشرة بعد مشاركة جنوب إفريقيا في القمة الأخيرة لمجموعة “بريكس” التي انعقدت في البرازيل، حيث تم التركيز على تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسات المستقلة عن التأثيرات الغربية، وهو ما زاد من حدة الضغوط الأمريكية على الدولة الإفريقية.
جنوب إفريقيا تبحث عن حل تفاوضي
من جانبها، أفادت وزارة الخارجية الجنوب إفريقية بأنها منفتحة على التفاوض بشأن اتفاق تجاري يحقق المصالح المشتركة مع الولايات المتحدة. وأكد المتحدث باسم وزارة التجارة أن المحادثات مع واشنطن مستمرة، وأن بريتوريا بانتظار التواصل الرسمي حول الترتيبات المقبلة.
وكان ترامب قد أشار في وقت سابق إلى أنه ستكون هناك رسوم إضافية بنسبة 10% على أي دولة تدعم ما وصفه بـ”السياسات المعادية للولايات المتحدة” التي تتبناها دول مجموعة “بريكس”، مؤكداً أنه لن تكون هناك استثناءات لهذا الإجراء.
ضغوط أمريكية متزايدة على جنوب إفريقيا
قال عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكا ووتش”، إن جنوب إفريقيا تواجه تحديات كبيرة منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، مشيراً إلى أن سياساته الاقتصادية تستهدف الدول التي تعارض سياسات واشنطن، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وأوضح الكاين في تصريح خاص أن “الإدارة الأمريكية الحالية تستخدم أدوات سياسية واقتصادية لإعادة توجيه مواقف جنوب إفريقيا، خاصة فيما يتعلق بالملف الفلسطيني”. وأضاف أن التوترات قد زادت بعد الزيارة الرسمية للرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا إلى واشنطن، التي اعتبرها الكاين بمثابة “إخضاع علني” بسبب الضغوط الأمريكية المرتبطة بمواقف جنوب إفريقيا السياسية.
كما أشار إلى أن واشنطن قد تلوح بتقليص المساعدات المالية المقدمة إلى جنوب إفريقيا، التي تبلغ نحو 320 مليون دولار سنويًا، فضلاً عن التأثير السلبي على اتفاقية التجارة الثنائية التي تقدر قيمتها بـ 14.7 مليار دولار سنويًا.
الرسوم الجمركية وأثرها على الشركاء التجاريين
من جهته، أشار ددي بيبوط، الباحث في التاريخ المعاصر، إلى أن الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب فرضت ضغوطًا على دول “بريكس”، في وقت يعمل فيه هذا التكتل على تعزيز استقلالية اقتصاده بعيدًا عن الهيمنة الغربية. وأضاف بيبوط أن فرض الرسوم الجمركية على دول “بريكس” يأتي في وقت تسعى فيه هذه الدول لتطوير أدوات مالية تقلل من اعتمادها على الدولار الأمريكي وتؤسس لنظام اقتصادي متعدد الأقطاب.
كما أضاف الباحث أن ردود فعل دول “بريكس”، وخاصة جنوب إفريقيا، خلال قمة ريو دي جانيرو في البرازيل، أكدت رفض هذه السياسات الأمريكية. واعتبر بيبوط أن التأجيل في تنفيذ الرسوم إلى الأول من غشت المقبل يعكس مسعى أمريكي للضغط على الدول النامية في محاولة لإجبارها على عقد اتفاقيات تجارية بشروط غير متكافئة.
القلق الأمريكي والتحديات الاقتصادية في إفريقيا
وفي إطار التوترات المتزايدة، أشار بيبوط إلى أن دعم جنوب إفريقيا للقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى مواقفها الرافضة لبعض السياسات الإسرائيلية، قد ساهم في تصعيد الخلافات مع واشنطن. كما أن التحولات الجيوسياسية، مثل توسع مجموعة “بريكس” واهتمامها بتعزيز الاستقلالية الاقتصادية، تشكل تحدياً مهماً للهيمنة الاقتصادية الأمريكية على النظام الدولي.
وقال بيبوط إن هذه الأوضاع قد تدفع الأطراف المختلفة إلى العودة إلى طاولة المفاوضات لتجنب تعقيد المشهد التجاري العالمي. ورغم ذلك، فإن الاقتصادات الإفريقية، وخاصة جنوب إفريقيا، قد تجد نفسها في موقف صعب في ظل هذه السياسات الجديدة.
تأثير العقوبات على الاقتصاد الجنوب إفريقي
أوضح الخبراء أن الإجراءات الأمريكية الأخيرة من شأنها أن تزيد من الضغوط الاقتصادية على جنوب إفريقيا، خاصة في ظل احتمالية تعليق المساعدات المالية الأمريكية وخفض التمويلات الخارجية. وقد يؤثر ذلك بشكل كبير على الاقتصاد الجنوب إفريقي، الذي قد يواجه تحديات جديدة في ظل “عهدة الرسوم الجمركية” التي بدأ ترامب في تنفيذها مع بداية ولايته الثانية.