ليكيب نيوز
الخميس 17 أبريل 2025
تحرير : عبد الفتاح تخيم
في سياق دينامية دبلوماسية غير مسبوقة، يواصل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، تحركاته المكثفة على الساحة الأوروبية، حيث يُنتظر أن يجتمع اليوم الخميس بنظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس في العاصمة مدريد.
هذا اللقاء، الذي تنقله وسائل الإعلام الإسبانية وعلى رأسها وكالة “أوروبا بريس”، يُرتقب أن يكون محطة جديدة في مسار ترسيخ العلاقات المغربية الإسبانية، والتي شهدت تطورًا لافتًا منذ اللقاء المفصلي بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في أبريل 2022. ذلك الاجتماع أسّس لما أصبح يُعرف بـ”خارطة الطريق” الجديدة، التي تحدد أولويات التعاون بين البلدين الجارين.
وتأتي هذه الزيارة في لحظة مهمة، إذ تسعى الرباط ومدريد إلى مواصلة التنسيق المشترك في ملفات حساسة من قبيل الهجرة، ومكافحة الإرهاب، والتعاون الأمني، فضلًا عن تعزيز المبادلات الاقتصادية والطاقة المتجددة، وهي مجالات حيوية بالنسبة للطرفين، لا سيما في ظل التحولات الإقليمية والدولية الراهنة.
ما يميز هذه الدينامية ليس فقط انتظام اللقاءات رفيعة المستوى، بل أيضًا تماسك الرؤية المشتركة بين المغرب وإسبانيا بخصوص التحديات المتقاسمة، وهو ما يجعل من هذا التعاون نموذجًا يحتذى به في منطقة غرب المتوسط.
زيارة بوريطة إلى مدريد ليست حدثًا معزولًا، بل تندرج ضمن جولة أوروبية شملت خلال الأيام الأخيرة كلًا من فرنسا، إستونيا، مولدافيا، كرواتيا، وهنغاريا. جولةٌ تُترجم بوضوح توجه المملكة نحو تنويع شراكاتها وتعزيز مكانتها كفاعل إقليمي يحظى باحترام متزايد داخل أروقة القرار الأوروبي.
النتائج التي حملتها هذه التحركات الدبلوماسية لم تكن عابرة. فقد نجح المغرب، من خلال هذه اللقاءات، في كسب مزيد من الدعم الدولي لمغربية الصحراء، إلى جانب تعزيز مجالات التعاون مع عدد من العواصم الأوروبية، سواء في الأمن أو الطاقة أو حتى الاستثمارات الاستراتيجية، وهو ما يعكس التحول النوعي الذي تشهده السياسة الخارجية المغربية في السنوات الأخيرة.
في قراءة محلية واقعية، يظهر أن هذا الزخم الخارجي للمملكة لا يمكن فصله عن التحولات الكبرى التي يعرفها المغرب داخليًا، من حيث تثبيت الاستقرار، وتحديث البنيات الاقتصادية، وتبني مقاربات جديدة في تدبير قضايا الهجرة والتنمية، ما يجعل من المغرب شريكًا موثوقًا في محيطه القريب والبعيد.
ولعل استمرار هذه الدينامية، مدعومة بحكمة دبلوماسية وتقدير دولي متنامٍ، هو ما يرسخ للمغرب موقعًا استراتيجيًا في أوروبا، ليس فقط كجسر بين ضفتي المتوسط، بل كفاعل متوازن يعرف كيف يحمي مصالحه، ويُسهم في استقرار محيطه الإقليمي والدولي.