05/11/2024
يعتبر إدريس الكراوي، عضو أكاديمية المملكة المغربية، أن معاهدة السلام الموقعة عام 1774 بين المغرب والبرتغال تمثل تجربة تاريخية مليئة بالدروس المهمة، التي يمكن استلهامها في ظل الأوضاع الدولية الراهنة. خلال محاضرته التي ألقاها في مقر أكاديمية العلوم بالعاصمة البرتغالية لشبونة، أشار الكراوي إلى أن هناك جوانب يمكن الاستفادة منها في حاضر ومستقبل العلاقات بين البلدين، إضافة إلى أهمية الدور الاستراتيجي الذي ينبغي أن يلعبه البحر والمحيطات كعنصر أساسي لبناء شراكة مستقبلية بين المغرب والبرتغال ضمن الإطار الإفريقي الأطلسي والمتوسطي الأكبر.
أكد الكراوي على خمس خلاصات نهائية، مسلطاً الضوء على أن فوائد السلام تتجاوز تعزيز الدبلوماسية الوقائية وتحويل الصراعات إلى فرص للتبادل، إلى تعزيز علاقات التضامن الإنساني وتعدد أشكال التعاون، مما يعزز السلام كقوة تتفوق على الصراع والحرب.
كيف يمكن استلهام دروس من معاهدة سلام عُقدت في عام 1774؟
إن هذا التساؤل يبدو ضرورياً في ظل التوترات الإقليمية المتزايدة والحروب المستعرة التي تشهدها الساحة الدولية في الوقت الحالي. هذه التوترات تغذي سباق التسلح وتدفع العالم نحو عدم استقرار خطير. أمام هذا الواقع، تحتاج الدول إلى التفكير في سبل بناء السلام على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، من أجل التوصل إلى تنمية مشتركة مستدامة، وتحقيق توازن بين المصالح المتبادلة.
في عام 1774، وعلى الرغم من التحديات الداخلية التي واجهت المغرب، تمكن من إقامة سلام طويل الأمد مع البرتغال، وذلك على خلفية تعاون سياسي وجيوستراتيجي. ورغم التنافس الأوروبي في المنطقة، نجح المغرب بقيادة السلطان سيدي محمد بن عبد الله، إلى جانب البرتغال بقيادة الملك جوزيه الأول ووزيره ماركيز دي بومبال، في تحقيق تعاون مثمر.
دروس للحاضر والمستقبل:
1.دروس للحاضر:
•تحويل النزاعات إلى فرص للتعاون والسلام.
•توفر قيادة رشيدة وذات رؤية مستقبلية تدفع نحو السلم.
•بناء الثقة وتعزيز العلاقات المستدامة بين الدول.
2.دروس للمستقبل:
•الاستماع إلى النخب والخبراء وتقييم موازين القوى بدقة.
•التحلي بواقعية جيوستراتيجية تسعى لتحقيق مكاسب متبادلة.
•تعزيز التعاون من خلال تقديم التنازلات المشتركة وتحقيق توازن بين المصالح المتباينة.
منظور استراتيجي للمستقبل:
أكد الكراوي على الدور الحاسم للبحر والمحيطات كمجالات استراتيجية للشراكة المستقبلية. ورغم التحديات، فإن التوسع في مبادرات البنية التحتية مثل ميناء طنجة المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي يُعزز الروابط بين المغرب والبرتغال، ويوسع نطاق التواصل مع إفريقيا وأوروبا، بما يعزز التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدول المطلة على الأطلسي والمتوسط.
الخلاصات النهائية:
•تمكن المغرب والبرتغال من بناء نموذج فريد من الشراكة يرتكز على أسس متينة من الثقة والاحترام المتبادل.
•يحمل هذا النموذج بعداً ثقافياً وإنسانياً يعتمد على القيم المشتركة مثل التسامح والتعايش المشترك.
•يعزز التعاون المتواصل بين البلدين الازدهار الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، وهو ما ظهر بوضوح خلال المنتدى الاقتصادي المغربي البرتغالي في لشبونة عام 2023.
تجدر الإشارة إلى أن السلام ليس مجرد غياب للحرب، بل هو ركيزة للتنمية المستدامة والتعاون الإنساني.