ليكيب نيوز
الخميس 22 مايو 2025
في زيارة وُصفت بالتاريخية، استقبل ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، نظيره السلوفاكي يوراي بلانار، الذي حلّ بالمملكة على رأس وفد رفيع المستوى، في خطوة تعكس الرغبة المشتركة في تعزيز دينامية التعاون بين المغرب والجمهورية السلوفاكية.
وخلال لقاء رسمي احتضنته العاصمة الرباط يوم الخميس، وقع الجانبان على مذكرة تفاهم لإحداث آلية دائمة للمشاورات السياسية بين وزارتي خارجية البلدين، إلى جانب إعلان مشترك يكرّس توافقهما السياسي حول عدد من القضايا الدولية والإقليمية. وتُعد هذه الآلية إطارًا مؤسساتيًا جديدًا للحوار المنتظم، يُنتظر أن ينعقد على الأقل مرة كل سنتين على المستوى الوزاري، ويُتوّج بمبادرات عملية على الأرض.
تنويع الشراكات وتعميق الحوار السياسي
أوضح بوريطة، خلال الندوة الصحافية المشتركة، أن زيارة الوزير بلانار، الأولى من نوعها منذ أزيد من 15 سنة على هذا المستوى، تأتي في سياق توجّه استراتيجي يقوده الملك محمد السادس لتنويع الشراكات داخل الاتحاد الأوروبي، لاسيما مع بلدان وسط وشرق أوروبا.
وأضاف الوزير المغربي أن العلاقات المغربية السلوفاكية لطالما اتسمت بالمتانة والاحترام المتبادل، وأن زيارة بلانار ستفتح فصلًا جديدًا في التعاون، خصوصًا بعد إعادة مأسسة الحوار السياسي الذي كان قد توقف منذ سنة 2006.
رؤية اقتصادية متبادلة… والمغرب شريك أول
في الجانب الاقتصادي، أبرز بوريطة أن المغرب يُعد الشريك التجاري الأول لسلوفاكيا على مستوى القارة الإفريقية، إذ تمثل المبادلات الثنائية نحو 40% من إجمالي تجارة سلوفاكيا مع إفريقيا، رغم أن هذا الحجم يظل قابلًا للتطوير.
وأعلن الوزير عن ثلاث واجهات رئيسية للتعاون المستقبلي: أولها تبادل الزيارات الوزارية القطاعية، خصوصًا في مجالات الطاقة والدفاع والفلاحة؛ ثانيها تحفيز رجال الأعمال لإقامة شراكات اقتصادية واعدة؛ وثالثها استثمار الموقع الجغرافي الاستراتيجي لكل من المغرب وسلوفاكيا، لجعل الرباط بوابة لسلوفاكيا نحو إفريقيا، وبراتيسلافا منصة للمغرب نحو أوروبا الوسطى والشرقية.
كما تم الاتفاق على تعزيز التعاون في مجالات الأمن، محاربة الهجرة غير الشرعية، تفكيك الشبكات الإجرامية، ومكافحة الاتجار بالبشر، في ظل تقارب كبير في المواقف والمرجعيات القانونية بين البلدين.
دعم سلوفاكي للمبادرة المغربية في الصحراء
من جهته، جدّد وزير الخارجية السلوفاكي دعم بلاده للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء، معتبرًا إياها حلاً جادًا وواقعيًا للنزاع الإقليمي، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي.
وأكد بلانار أن المغرب يُعد شريكًا مهمًا لسلوفاكيا في إفريقيا، داعيًا إلى توسيع نطاق التعاون ليشمل مجالات جديدة، وتعزيز الحضور الاستثماري والتجاري من خلال بعثات لرجال الأعمال وتنفيذ مشاريع مشتركة، خصوصًا عبر الوكالة السلوفاكية لتنمية الاستثمارات.
كما عبّر المسؤول السلوفاكي عن رغبة بلاده في دعم ترشيحات المغرب للمحافل الدولية، بما في ذلك مجلس الأمن، مشددًا على أن التعاون مع الرباط يعزز السلم والأمن الدوليين في سياق مضطرب يتطلب تحالفات قائمة على احترام القانون الدولي.
تقارب في المواقف الدولية
لم تغب القضايا الإقليمية والدولية عن طاولة المباحثات، إذ أكد الطرفان على تطابق وجهات نظرهما بشأن عدد من الملفات، على رأسها الوضع في أوكرانيا، ومسألة كوسوفو، وأهمية احترام السيادة الوطنية ووحدة الأراضي، مع التشديد على أولوية القانون الدولي كمرجعية لحل النزاعات.
ووصف بلانار الحوار مع نظيره المغربي بـ”الصريح والعميق”، كاشفًا عن تطلع سلوفاكيا إلى لعب دور الوسيط التجاري بين أوروبا وإفريقيا من خلال شراكة استراتيجية مع المغرب، الذي وصفه بـ”الدولة الحديثة والمسؤولة” و”الحليف القريب من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي”.
خاتمة: شراكة متعددة الأبعاد
جاءت هذه الزيارة لتؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، تتسم بالمأسسة والانفتاح والتقارب السياسي والاقتصادي، في وقت يسعى فيه المغرب إلى تنويع حضوره في الفضاء الأوروبي، وتعزيز موقعه كقوة إقليمية وقطب استثماري إفريقي.
ويُرتقب أن تشهد المرحلة المقبلة إطلاق مشاريع مشتركة وتبادل زيارات رفيعة المستوى، بما يكرّس هذه الإرادة السياسية إلى خطوات عملية تعزز موقع البلدين إقليميًا ودوليًا