ليكيب نيوز
في استعراض عسكري غير مسبوق جرى اليوم بساحة تيان أنمين في العاصمة الصينية، قدمت الصين لأول مرة بشكل علني ما يُعرف بـ”الثالوث النووي” — وهو تجسيد لقدراتها النووية الجوية والبحرية والبرية — بحضور لافت لكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، إلى جانب الرئيس الصيني شي جينبينغ.
رمزية المشهد والرسائل المبطنة
شي جينبينغ توسط ضيفيه الروسي والكوري الشمالي، وتقدم معهم على السجادة الحمراء أمام آلاف الجنود والمعدات الحربية، في لحظة أثارت قلقاً واسعاً في العواصم الغربية، لما تحمله من رسائل سياسية وعسكرية مركبة.
وجاء الحدث في سياق إحياء الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، لكنه حمل طابعاً استعراضياً يتجاوز طقوس الاحتفاء، حيث أكد الرئيس الصيني في كلمة افتتاحية أن العالم لا يزال “على مفترق طريق بين السلام والحرب”، مشدداً على أن “الصين لا يمكن إيقافها”.
الثالوث النووي يظهر للعلن
للمرة الأولى، عرضت الصين منظومة تسليحية استراتيجية تتضمن:
-
صواريخ “جينغلي-1” القادرة على الإطلاق من الجو.
-
صواريخ “جولانغ-3” المخصصة للغواصات.
-
صواريخ “دونغ فنغ-31″ و”دونغ فنغ-61” العابرة للقارات والتي تطلق من البر.
كما شمل العرض صواريخ فرط صوتية ومسيرات بحرية تحت سطح الماء، في خطوة تعكس تصعيداً في لغة الردع النووي، ووضوحاً أكبر في طموحات بكين العسكرية.
ردود غربية ساخرة وتحفظ دبلوماسي
في واشنطن، أثار المشهد سخرية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كتب عبر منصته “تروث سوشال”: “أرجو إبلاغ تحياتي لبوتين وكيم بينما تتآمرون ضد الولايات المتحدة.”، بينما علق الكرملين بأن تصريح ترامب “ليس سوى مزحة”.
حدث تتويجي لأسبوع استراتيجي
الاستعراض العسكري جاء ختاماً لأسبوع دبلوماسي مزدحم قاده شي جينبينغ، حيث استضاف قمة “منظمة شنغهاي للتعاون”، التي تُروج لتعاون إقليمي بديل للتحالفات الغربية، وقد شهدت تلك القمة نبرة انتقادية متزايدة ضد الولايات المتحدة، تمثلت في وصف شي لبعض القوى العالمية بـ”المتنمرة”.
تجمع سياسي ورسالة وحدة
الحدث حمل أيضاً رسائل سياسية داخلية وخارجية. إذ حرصت بكين على تصوير العرض كرمز لوحدة الصف الآسيوي، بينما بدا واضحاً أن شي يحاول ترسيخ نفسه كمحور لتحالف عالمي جديد في مواجهة الغرب.
وكان من اللافت مشاركة كيم جونغ أون، الذي نادراً ما يغادر بلاده، إلى جانب ابنته كيم جو آي وشقيقته كيم يو جونغ، في زيارة اعتبرها مراقبون دليلاً على ثقة بيونغ يانغ المتزايدة في علاقاتها مع موسكو وبكين.
فيما اختتم بوتين وكيم الزيارة بعقد لقاء ثنائي، أعرب فيه الرئيس الروسي عن امتنانه لإرسال كوريا الشمالية جنوداً لدعم الحرب الروسية في أوكرانيا، وفق ما نقلته وسائل إعلام رسمية روسية.
نقلة في المشهد الجيوسياسي
يرى خبراء أن هذا الاستعراض لم يكن مجرد استعراض عسكري تقليدي، بل نقلة نوعية في الاصطفافات الدولية، وإشارة واضحة إلى أن بكين، إلى جانب موسكو وبيونغ يانغ، تتحرك بخطى حثيثة لبناء تكتل عالمي يتحدى صراحة النظام الدولي القائم.

