ليكيب نيوز
في صمت يليق بالكبار، غادر الفنان بناصر وخويا الحياة عن عمر يناهز 86 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا راسخًا في وجدان الأغنية الأمازيغية والموسيقى المغربية الشعبية.
هو ابن زاوية الشيخ بالأطلس المتوسط، واسمٌ ظل حاضرًا في القرى كما في المدن، في الأسواق كما في الحفلات، منذ دخوله الساحة الغنائية سنة 1961 إلى اعتزاله في 1984، بعد مسيرة فنية دامت 23 سنة.
مكتشف حادة أوعكي وصوت الأطلس
كان بناصر وخويا أول من اكتشف الفنانة حادة أوعكي، التي تحوّلت فيما بعد إلى واحدة من أبرز رموز الغناء النسائي الأمازيغي، بعد أن ضمها إلى فرقته إثر أدائها في حفلة بزاوية آيت إسحاق وهي لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها.
شكّلا معا ثنائيًا فنيا بارزًا، جسد صدى “أحيدوس زيان” في المدن، وعبّد الطريق أمام موجات من الفنانين الذين مزجوا الهوية الجبلية بالموسيقى الحديثة.
فن متجذر ومتجدد
غنى بناصر بلغته الأم “تمازيغت”، كما أدى بالدارجة المغربية، وتنوعت آلاته من البندير الذي ارتبط به منذ مراهقته، إلى اللوتار والكمان، حيث سجل بهما مجموعة من الأغاني بدار الإذاعة الوطنية.
لم يكن مجرد مؤدٍ للأغنية، بل شاعر وملحن وعازف، ومجدد داخل الإطار التقليدي، إذ أدخل أنماطًا موسيقية مثل العيطة المرساوية والحصباوية إلى فرقته “العلوة”، نزولًا عند أذواق جمهور المدن.
مسار حافل بالأسطوانات والتكريمات
رغم تقاعده المبكر، ظل تأثيره ممتدًا من خلال عشرات الأشرطة والأسطوانات التي لا تزال متداولة حتى اليوم.
وقد حظي بتكريمات وطنية عديدة، منها احتفاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية به في عيد الموسيقى العالمي عام 2013، وتكريمه في مهرجان “تسليت: ملتقى الثقافات” سنة 2019، فضلًا عن ظهور إعلامي خاص في برنامج “إزوران” على قناة تمازيغت.
جيل الرواد.. جيل التأسيس
يُعد بناصر وخويا من أهرامات جيل الرواد إلى جانب أسماء مثل موحى أوموزون، مومن التهامي، وحمو واليازيد، الذين أدخلوا الآلات الحديثة إلى الأغنية الأمازيغية دون أن يفقدوا البناء الموسيقي التقليدي المستلهم من “أحيدوس زيان”.
وقد فتح هذا الجيل الطريق أمام فنانين كـ الرايس ارويشة ومحمد مغني لتطوير الأغنية الأمازيغية لاحقًا.
بناصر وخويا لم يكن فقط فنانًا، بل مدرسة قائمة بذاتها، اختزلت التحول الثقافي من الجبل إلى المدينة، ومن السهرات القروية إلى الأستوديوهات، وبقي صوته حاضرًا في الذاكرة الجمعية كأحد رموز الأصالة والتجديد.
رحم الله بناصر وخويا، وأسكنه فسيح جناته.