07/11/2024
لم يكن دونالد ترامب ليفوت الفرصة للعودة إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بعد فوزه على كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، التي كانت تطمح لأن تكون أول امرأة تترأس الولايات المتحدة. انتصار ترامب في هذه الانتخابات جاء متسقًا مع توقعات الأوساط السياسية، حيث أعاد للأذهان هيمنته على المشهد الأمريكي والآثار المتوقعة لعودته على المستوى الدولي، خصوصًا في ظل الوضع المعقد الذي يمر به العالم من صراعات وتوترات.
استمرارية العلاقات المغربية الأمريكية
وبالنسبة لعلاقات المغرب والولايات المتحدة، فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تفتح الباب أمام تعزيز التحالف الاستراتيجي بين البلدين، الذي كان قد أرسى أسسه خلال ولايته الأولى. في هذا السياق، يرى محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة عبد المالك السعدي، أن العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة تتسم بالثبات ولا تتأثر بتغير الإدارات أو الانتخابات الرئاسية في أمريكا. فالعلاقة بين البلدين تأسست على أسس قوية تتجاوز التناوب بين الجمهوريين والديمقراطيين.
في تصريحات له لصحيفة هسبريس، أكد بوخبزة أن التحالف مع الولايات المتحدة لم يتشكل فقط بسبب سياسات رئيس بعينه، بل نتيجة لعلاقات استراتيجية طويلة الأمد ساهمت في جعل المغرب حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة. وأضاف أن الموقف الأمريكي الثابت من قضية الصحراء المغربية، الذي بدأه ترامب مع اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء، لم يتغير بعد مغادرته للبيت الأبيض، حيث استمرت الإدارة الديمقراطية في دعم هذا القرار.
تداعيات فوز ترامب على السياسة الإقليمية
أما محمد شقير، المحلل السياسي، فيرى أن عودة ترامب قد تكون لها تداعيات إيجابية على المغرب، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين. من أبرز إنجازات ولاية ترامب السابقة اتفاقات أبراهام، التي أسفرت عن تبني الخريطة الكاملة للمغرب واعتراف أمريكا بمغربية الصحراء. شقير يتوقع أن يتم تسريع تنفيذ بعض المشاريع التي بدأها ترامب، مثل فتح القنصلية الأمريكية في الداخلة، وهو ما يمكن أن يسهم في تعزيز الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
إضافة إلى ذلك، يرى شقير أن التحالف الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة سيتوسع ليشمل مجالات أمنية وعسكرية، خاصة في سياق التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي. في ظل تراجع النفوذ الفرنسي في المنطقة، قد تجد الولايات المتحدة في المغرب حليفًا رئيسيًا يمكن الاعتماد عليه لمواجهة التمدد الروسي وتحقيق الاستقرار في منطقة الساحل.
تعزيز التعاون الاقتصادي: فرص جديدة
من المتوقع أن يتسارع التعاون الاقتصادي بين البلدين في ولاية ترامب الثانية، حيث تتجه الأنظار نحو المشاريع التنموية في الأقاليم الجنوبية. شقير يرى أن ميناء الداخلة، الذي يجري بناؤه حاليًا، سيكون له دور محوري في ربط المغرب مع دول الساحل، مما يفتح المجال أمام مشاريع استثمارية أمريكية قد تسهم في دفع عجلة التنمية بالمنطقة.
كما أشار إلى أن مبادرة الأطلسي التي أطلقها المغرب قد تكون عاملاً أساسيًا في دفع الولايات المتحدة إلى تعزيز شراكتها الاقتصادية مع المغرب. هذه المبادرة من شأنها أن تعزز الدور السياسي والاقتصادي للمغرب في المنطقة وتفتح أفقًا جديدًا للتعاون مع الولايات المتحدة على المدى الطويل.
إن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تمثل فرصة لتوسيع وتعميق العلاقات الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة، مع تركيز أكبر على المجالات العسكرية، الأمنية، والاقتصادية. وبالرغم من التغيرات السياسية التي قد تحدث في أمريكا، إلا أن الأسس المتينة لهذه العلاقات تضمن استمرار الدعم الأمريكي للمغرب، خاصة في قضيته الوطنية المتعلقة بالصحراء. كما أن تعزيز التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية يشير إلى أن المغرب سيكون في موقع القوة لمواصلة مسار التطوير والازدهار، بدعم من شريك قوي مثل الولايات المتحدة.