ليكيب نيوز
شهدت الساحة السياسية في جنوب إفريقيا تحولا نوعيا في التعاطي مع ملف الصحراء المغربية، بعد إعلان جاكوب زوما، الرئيس السابق للبلاد وزعيم حزب “أومكونتو ويسيزوي”، دعمه الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية كحل نهائي للنزاع الإقليمي المفتعل.
هذا الموقف، المدعوم بوثيقة رسمية صادرة عن حزب زوما، يعكس تحولا في العمق داخل المشهد السياسي الجنوب إفريقي، ويؤشر إلى تقارب محتمل بين بريتوريا والرباط بعد عقود من المواقف المنحازة لأطروحة الانفصال.
ويرى محللون أن هذا الإعلان يشكل خطوة مفصلية في مسار إعادة قراءة عدد من القوى السياسية الجنوب إفريقية لتاريخ النزاع ومحدداته القانونية. ووفق تقديرات الخبراء، فإن هذا التحول يتجاوز مجرد موقف فردي، ليعكس توجها جديدا داخل جزء كبير من الطبقة السياسية في البلاد، خصوصاً أن حزب زوما بات يُعد القوة الثالثة في البرلمان بعد الانتخابات الأخيرة.
ويوضح الخبير في العلاقات الإفريقية الموساوي العجلاوي أن تأييد زوما لمبادرة الحكم الذاتي ينبني على خلفيات سياسية وتاريخية مدروسة، ومواقف واضحة ترتكز على الشرعية الدولية، وعلى مفهوم السيادة الوطنية والوحدة الترابية. كما أشار إلى أن التحاق حزب زوما بالتحالف الديمقراطي في دعم مبادرة المغرب، يعني أن الكفة داخل البرلمان الجنوب إفريقي بدأت تميل لصالح رؤية الرباط.
من جهته، أبرز الباحث لحسن أقرطيط أن الموقف الجديد يُعبّر عن تبني نخبة سياسية مؤثرة في جنوب إفريقيا لرؤية مغايرة تقوم على احترام مبادئ القانون الدولي، ومبدأ الوحدة الترابية الذي يُعد أحد الأسس المؤسسة للاتحاد الإفريقي. كما أشار إلى أن هذا الموقف يُعد ردة فعل على عقود من الدعم غير المشروط لأطروحة الانفصال، مؤكداً أن الحزب الذي يتزعمه زوما يتوفر على قاعدة سياسية وشعبية تؤهله للعب دور أكبر مستقبلا في إعادة تحديد بوصلة السياسة الخارجية للبلاد.
ويبدو أن هذا التحول لم يكن وليد اللحظة، بل جاء تتويجاً لمسار من التفاعل بين الرباط وعدد من النخب السياسية الإفريقية، من بينها لقاء سابق جمع الملك محمد السادس بجاكوب زوما على هامش قمة الاتحاد الإفريقي سنة 2017، وهو ما أشار إليه زوما صراحة في تصريحه الأخير.
الموقف الجديد من زوما يُرسل رسائل واضحة إلى الخصوم الإقليميين والدوليين، ويعكس رغبة متزايدة في تجاوز الاصطفافات القديمة، لصالح علاقات بناءة تحترم سيادة الدول ووحدتها الترابية، وتُبنى على شراكات واقعية واستراتيجية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة في جنوب إفريقيا، تبقى الأنظار موجهة نحو حزب زوما وإمكانية صعوده مجدداً إلى الحكم، ما قد يشكل نقطة تحول كبرى في موقف بريتوريا الرسمي من ملف الصحراء المغربية، ويقود إلى إعادة رسم معالم التحالفات داخل القارة الإفريقية.