ليكيب نيوز
في ظل التغيرات الأخيرة التي طالت سياسات التصدير الزراعي بالمغرب، اضطر عدد من الفلاحين إلى إعادة النظر في تموقعهم داخل السوق الإفريقية. فقد دفع الانخفاض الكبير في صادرات الخضر نحو دول جنوب الصحراء، إضافة إلى القيود الحكومية المفروضة على تصدير عدد من المنتجات الفلاحية، إلى توجيه أنظار الفلاحين والمصدرين المغاربة نحو الاستثمار المباشر في بلدان مثل موريتانيا والسنغال.
السلطات المغربية، وفي محاولة لتأمين السوق الداخلية أمام تقلبات الأسعار وارتفاع الطلب، أقدمت على تقليص صادرات منتجات أساسية كالبطاطس والبصل والطماطم، مما أثر بشكل مباشر على الموردين الذين يعتمدون على التصدير لتغطية تكاليف الإنتاج المتزايدة. وقد رأى هؤلاء الفاعلون في هذه القرارات ضربة مفاجئة أربكت حساباتهم، خصوصا في ظل تراجع هامش الربح داخل السوق المحلية.
ويُحذر مهنيون في القطاع من أن هذه السياسات، رغم تفهمهم لدوافعها، قد تُفقد المغرب مكانته التي بناها طيلة سنوات في الأسواق الإفريقية. عدد من هذه الدول، وفق مصادر مهنية، بدأت تبحث عن بدائل أكثر استقرارا، سواء عبر تعزيز الإنتاج المحلي أو الانفتاح على موردين جدد، وهو ما يدفع الفلاح المغربي إلى التفكير في نقل نشاطه خارج الوطن لتفادي الخسائر.
في هذا السياق، فرضت بعض الدول مثل موريتانيا رسوما جمركية باهظة على المنتجات الفلاحية المغربية، كتعبير غير مباشر عن عدم رضى عن السياسة المغربية الأخيرة. ومن جهة أخرى، فإن المشاكل اللوجيستيكية المرتبطة بعبور الحدود، إلى جانب ارتفاع تكاليف الشحن والإنتاج، فاقمت من صعوبة الوضع بالنسبة للمصدرين.
رغم ذلك، يرى بعض الفاعلين المدنيين أن تنظيم التصدير يظل ضروريا، خاصة في فترات الأزمات التي تعرف فيها الأسواق المحلية ضغطا كبيرا. ويؤكدون على أن حماية القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة يجب أن تبقى أولوية، دون إغفال أهمية التصدير كرافد اقتصادي حيوي يجلب العملة الصعبة.
كما تُطرح تساؤلات حول من يتحكم فعليا في عملية التصدير، حيث يُشار إلى أن عددا كبيرا من المصدرين ليسوا من الفلاحين، بل من الوسطاء الذين يركزون على الربح، ما قد يخلق اختلالات إضافية في سلاسل التوزيع والأسعار.
في خضم هذه التحولات، يبدو أن القطاع الفلاحي المغربي أمام تحدي مزدوج: الحفاظ على التوازن بين تلبية حاجيات السوق المحلية وضمان استمرار موقعه التنافسي داخل الأسواق الخارجية، خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء.