ليكيب نيوز – ع ت
التلاتاء 29 أبريل 2025 – 13:16
شهدت كل من إسبانيا والبرتغال وأجزاء من فرنسا، يوم أمس الاثنين، انقطاعًا مفاجئًا وشاملًا للتيار الكهربائي، خلّف حالة من الفوضى أثّرت بشكل كبير على الحياة اليومية، خاصة في المطارات ووسائل النقل العامة، كما سبّب ارتباكًا كبيرًا في عمل المستشفيات وشركات الاتصالات.
ورغم مرور ساعات على الحادث غير المسبوق، ما يزال السبب الحقيقي مجهولًا، في ظل طرح عدد من الفرضيات، من بينها فرضية “التغير المناخي” الذي بدأ يفرض حضوره كمهدد جدي للبنى التحتية الحيوية.
وأوضحت شركة الكهرباء الوطنية البرتغالية (REN) أن “ظاهرة جوية نادرة” تقف على الأرجح خلف الانقطاع، مشيرة إلى أن تقلبات حرارية حادة في إسبانيا أدت إلى “تذبذبات غير مألوفة” في خطوط نقل الكهرباء ذات الجهد العالي، وهو ما تسبب في سلسلة من الأعطال في التزامن داخل الشبكة الأوروبية الموحدة للطاقة.
الخبراء وصفوا هذه الظاهرة بما يُعرف بـ”الاهتزاز الجوي المُستحث”، وهو اضطراب غير تقليدي يمكن أن يؤثر في استقرار المجال الكهرومغناطيسي، بما يشبه التأثيرات التي تخلفها العواصف الشمسية. في هذا السياق، صرّح البروفيسور سولومون براون، المتخصص في أنظمة الطاقة بجامعة شيفيلد البريطانية، بأن “هذا النوع من الاضطرابات قد يُحدث اختلالات في تدفق التيار الكهربائي، ما يستدعي أنظمة تحكم دقيقة واستجابة سريعة”.
تغير المناخ في قفص الاتهام
رغم ندرة هذه الظواهر، إلا أن تكرارها بدأ يُقلق الخبراء، خصوصًا مع ارتفاع وتيرة الأحداث الجوية المتطرفة في ظل تغير المناخ. فوفق دراسة حديثة نُشرت في مجلة نيتشر كوميونيكيشن في أبريل الجاري، أظهرت البيانات المناخية بين 1961 و2023 أن أكثر من 60% من المناطق المدروسة، خصوصًا أوروبا الغربية، شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في تكرار التحولات الحرارية المفاجئة.
هذه التقلبات الشديدة، والتي تتمثل في الانتقال السريع بين درجات حرارة مرتفعة ومنخفضة، لا تضر فقط بصحة الإنسان والأنظمة البيئية والزراعة، بل تُحدث أيضًا ضغطًا هائلًا على البنية التحتية الكهربائية، مثلما حدث في إسبانيا، حيث تم تسجيل انخفاض استهلاك الطاقة بنسبة وصلت إلى 50% خلال ساعات قليلة من بداية الانقطاع.
فرضيات أخرى غير مستبعدة
إلى جانب الفرضية المناخية، لم تستبعد الجهات الرسمية إمكانية وجود خلل تقني أو حتى تدخل بشري مثل الهجمات السيبرانية، لكن حتى الآن، لم يتم العثور على أي دليل قاطع يؤكد حدوث تخريب أو يوضح السبب الفني الدقيق لهذا الانقطاع المفاجئ.
في انتظار نتائج التحقيقات الجارية، تبقى الحادثة ناقوس خطر يدق بقوة، ويُعيد طرح سؤال طالما تجنّبه المسؤولون: هل نحن فعلاً مستعدون للتعامل مع تحديات مناخية بدأت تخرج عن إطار التنبؤات وتنتقل إلى أرض الواقع؟
تحليل مغربي بسيط:
في بلد مثل المغرب، الذي يشهد أيضًا تحولات مناخية ويعتمد بشكل متزايد على الربط الكهربائي مع أوروبا، فإن ما حدث في شبه الجزيرة الإيبيرية ينبغي أن يُؤخذ كمؤشر تحذيري. الاعتماد على الطاقات المتجددة يجب أن يُواكب بتطوير شبكات النقل والاستجابة للطوارئ، لأن القادم – كما يبدو – أصعب من مجرد انقطاع كهرباء