ليكيب نيوز
الاتنين 10 مارس 2025 – 22:19
بقلم : عبد الفتاح تخيم
يصادف يوم غد الثلاثاء (10 رمضان) الذكرى السادسة والستين لوفاة بطل التحرير، المغفور له الملك محمد الخامس، وهي مناسبة يستحضر فيها الشعب المغربي تضحياته الجسيمة من أجل وطنه وشعبه. لقد ناضل الملك الراحل من أجل الحرية والاستقلال، منطلقًا من الحكمة والبعد الاستراتيجي، ليشكل نموذجًا يُحتذى في مقاومة الاحتلال وسبل التحرير.
توفي محمد الخامس في العاشر من رمضان سنة 1380 هجرية (26 فبراير 1961)، وذلك بعد سنوات قليلة من انتزاع البلاد من براثن الاستعمار وتحقيق استقلال المملكة. وقد شكلت وفاته فاجعة للأمة ولحركات التحرير، حيث كان يُنظر إليه كأحد أبرز أقطاب الكفاح الوطني ورمزًا لحرية الشعب واستقلاله.
تخليد هذه الذكرى يعكس الوفاء والتمسك الدائم بذكرى ملك عظيم، اختار التضحية بكل شيء، بما في ذلك مرارة المنفى، على أن يُرضخ للاستعمار. فكان محمد الخامس في صراع مستمر من أجل السيادة الوطنية، معترضًا على أي تنازل عن الاستقلال أو مفاوضات مع سلطات الحماية.
كان الملك الراحل في مسيرة نضاله ضد الاستعمار يتشاور باستمرار مع الحركة الوطنية، حيث عبّر عن حرصه الدائم على توحيد صفوف المقاومة. فقد كانت سلطات الاحتلال، التي حكمت المغرب لعدة عقود، تستخدم كافة الأساليب لمحاولة تفرقة الشعب المغربي والنيل من الوحدة الوطنية التي جسدها الرباط المتين بين محمد الخامس وشعبه. كما أنها لجأت إلى محاصرة القصر الملكي في 20 أغسطس 1953، مطالبة بتنازل الملك عن العرش. إلا أن رد فعل محمد الخامس كان حاسمًا؛ فقد اختار المنفى على أن يُخضع للأمر الواقع، مؤكدًا التزامه العميق بمسؤوليته تجاه شعبه ووطنيته.
ورغم الجريمة النكراء بنفيه، إلا أن خبر المنفى أشعل فتيل الغضب في الشعب المغربي، الذي استجاب بثورة عارمة أدت إلى تصعيد العمل المسلح، وعودة بطل التحرير إلى أرض الوطن. ومع عودة الملك محمد الخامس، انتهت مرحلة الاستعمار، وبدأ فجر الحرية والاستقلال، حيث تحقق حلم الأمة في ظل العرش العلوي المجيد.
كانت هذه الانتصارات بمثابة الدليل على ارتباط الشعب المغربي العميق بملكه، واستعداده الدائم للتضحية من أجل وطنه ومقدساته. وقد أشار المغفور له الملك الحسن الثاني في خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة عشر لثورة الملك والشعب في 1963 إلى هذه الرابطة التاريخية، التي بُنيت على أساس المحبة والإيمان بالله.
لقد شكل النضال المشترك بين الملك والشعب من أجل الاستقلال بداية مرحلة جديدة، حيث عمل المغرب على بناء دولة حديثة، لتتواصل الجهود من خلال وريث سر الثورة، المغفور له الملك الحسن الثاني، الذي بذل جهودًا كبيرة لتنمية البلاد اقتصاديًا واجتماعيًا. كما استمر الملك محمد السادس في السير على نفس النهج، مُحققًا تقدمًا ملموسًا في مختلف المجالات.
تظل ذكرى محمد الخامس، ملك التحرير، رمزًا لوحدة الوطن وعزته، وقوة العلاقة بين الملك وشعبه، والتي تُظهر دائمًا استعداد المغاربة للتضحية والتفاني في سبيل وطنهم.