ليكيب نيوز
السبت 5 أبريل 2025-20:02
تتسارع وتيرة التعاون المغربي الفرنسي في مجال الانتقال الطاقي، في ظل الدينامية التي أعقبت توقيع الشراكة الإستراتيجية بين الرباط وباريس في أكتوبر 2024 تحت إشراف الملك محمد السادس والرئيس إيمانويل ماكرون، والتي شهدت هذا الأسبوع دفعة جديدة عبر لقاءات ثنائية هادفة إلى تنزيل مشاريع ملموسة في مجالات الطاقة النظيفة.
وتسعى هذه الشراكة إلى تعزيز التعاون في ميادين محورية، من ضمنها تطوير الهيدروجين الأخضر، وتوسيع الاستثمار في الطاقات المتجددة، إلى جانب تبادل الخبرات في الطاقة النووية المدنية، والابتكار في التكنولوجيات الذكية لتدبير الطاقة.
في لقاء رسمي جمع وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، بوفد فرنسي يرأسه رئيس جهة “نورماندي”، وبحضور السفير الفرنسي بالرباط، تم التأكيد على أهمية هذا التعاون الاستراتيجي في بلورة مشاريع ذات أثر اقتصادي وبيئي مستدام، خاصة أن نورماندي تعتبر قطباً متقدماً في الصناعات النووية والتعليم الهندسي.
مشاريع كبرى على الأفق
الاجتماع ناقش أيضاً آفاق التكوين الهندسي العالي والبحث العلمي التطبيقي، كما تم تتبع سير الدراسات التقنية والاقتصادية الخاصة بمشروع الربط الكهربائي بين المغرب وفرنسا، في إطار تنفيذ مضامين هذه الشراكة.
عبد الصمد ملاوي، الخبير الدولي في تكنولوجيا الطاقات المتجددة، أشار إلى أن هذا الربط يمثل قيمة استراتيجية للطرفين، موضحاً أن “أوروبا، وفرنسا بالخصوص، ستستفيد من الطاقة النظيفة التي يصدرها المغرب، انسجاماً مع القوانين الأوروبية الجديدة الداعية إلى فرض ضرائب على المنتجات المصنّعة من كهرباء ملوثة”.
وأكد ملاوي أن الاستقرار السياسي والبنيات التحتية المتطورة جعلت من المغرب شريكاً موثوقاً في مشاريع الهيدروجين الأخضر، خاصة بعد اختيار عدد من المشاريع الواعدة في الصحراء المغربية. كما أوضح أن هذه المشاريع تعزز طموح المملكة في بلوغ نسبة 52% من إنتاج الطاقة من مصادر متجددة بحلول 2030.
تجربة واقعية وتعاون متكامل
بدوره، يرى محمد بوحاميدي، الباحث في مجال الطاقة الشمسية، أن هذه الخطوة تُجسد فعلياً مضامين الاتفاقيات الموقعة خلال زيارة الرئيس ماكرون للمغرب، معتبراً أن فرنسا تسعى من خلالها إلى تعزيز وجودها في العمق الإفريقي عبر البوابة المغربية.
وأشار إلى أن هذا التعاون يسهم في تحقيق الاستقلال الطاقي، سواء عبر محطات الطاقة النووية أو محطات تحلية المياه بالطاقة المتجددة، مؤكداً أن المغرب يمتلك مؤهلات طبيعية وصناعية تُمكّنه من لعب دور محوري في تصدير الكهرباء النظيفة نحو أوروبا وإفريقيا.
وأكد بوحاميدي أن التحول الطاقي في أوروبا يواجه تحديات بسبب توقف بعض المحطات النووية وضغط المنظمات البيئية، ما يجعل من التعاون مع المغرب خياراً استراتيجياً لفرنسا، لا سيما أن شركاتها الكبرى مثل “طوطال إنرجي” باتت ملزمة بتوجيه استثماراتها نحو مشاريع نظيفة.
واختتم الباحث تصريحه بالتأكيد على أن احتضان المغرب لمونديال 2030 يتطلب تعزيز أمنه الطاقي من خلال تطوير بنيات تحتية قوية، تشمل الربط القاري، ومحطات الغاز والهيدروجين، وتوفير كفاءات بشرية مدربة، وهو ما يُعزّز من فرص التعاون الثنائي بين باريس والرباط في هذا المجال الحيوي.