ليكيب نيوز
الاتنين 14 أبريل 2025 – 18:29
رحل عن عالمنا الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا، أحد آخر عمالقة الأدب اللاتيني، صباح الأحد في العاصمة ليما عن عمر ناهز 89 عاماً، محاطاً بأفراد أسرته، بحسب ما أكده أبناؤه في بيان رسمي على منصة “إكس”. وبرحيله، تُطوى صفحة استثنائية في تاريخ الرواية العالمية، حيث كان يوسا آخر من تبقى من جيل “البووم” الأدبي الذي غيّر وجه الأدب الناطق بالإسبانية في القرن العشرين.
وداع بلا ضوضاء… ووصية محترمة
وفقاً لبيان عائلته، اختار الكاتب الراحل أن يودّع الحياة دون أي مراسم عامة، مؤثراً الاحتفاء بحياته في نطاق خاص مع المقربين فقط. كما أوضح الأبناء أن جثمانه سيُحرق، تماشياً مع رغبته الأخيرة.
“رغم الحزن العميق الذي يعمّ عائلته وأصدقاءه وقرّاءه حول العالم، فإننا نستمد العزاء من حياته الطويلة والغنية، ومن إرث أدبي سيبقى حيّاً بعد رحيله”، كتب أبناؤه ألفارو، غونزالو ومورغانا.
حياة من الحبر والورق… ومسيرة لا تُنسى
منذ أن دوّى اسمه في الساحة الأدبية عام 1963 بروايته الأولى المدينة والكلاب، كرّس يوسا حياته للأدب بلا كلل. روايات مثل البيت الأخضر، حديث في الكاتدرائية، بانتالِيون والزائرات، ثم حفلة التيس، رسّخت مكانته كروائي من الطراز الرفيع.
أعماله لم تتوقف عند الرواية فقط، بل امتدت إلى المسرح والمقال السياسي والنقد الأدبي. ومن بين أبرز مؤلفاته الفكرية: إغواء المستحيل ورحلة إلى الخيال.
وفي 2023، أهدى قرّاءه روايته الأخيرة أهدي صمتي، تتويجاً لمسيرة ثرية ختمها بانضمامه إلى الأكاديمية الفرنسية، كأول كاتب بالإسبانية يحقق هذا الإنجاز.
أبٌ صارم وطفولة مطبوعة بالقسوة
الحياة الشخصية لفارغاس يوسا كانت معقدة وعميقة تماماً كأعماله. لم يتعرف على والده إلا في سن العاشرة، وهو من دفعه إلى الالتحاق بالمدرسة العسكرية التي شكلت لاحقاً خلفية روايته الشهيرة المدينة والكلاب.
في سن 19، تزوج من عمته السياسية جوليا أوركويدي، قبل أن ينفصلا ويتزوج مجدداً من قريبة له، باتريسيا يوسا، التي أنجب منها ثلاثة أطفال. لاحقاً، تصدرت حياته العاطفية عناوين الصحف بعد علاقته العلنية مع إيزابيل بريسلر.
صراع الأدب والسياسة… وخسارة رئاسية
إلى جانب إبداعه الأدبي، خاض فارغاس يوسا غمار السياسة، وترشّح عام 1990 لرئاسة بيرو، لكنه خسر أمام ألبرتو فوجيموري. وأمام الضغوط السياسية، حصل عام 1993 على الجنسية الإسبانية تفادياً لما وصفه بـ”المنفى القسري”.
لم يكن صوته غائباً عن القضايا الكبرى، إذ عبّر في أكثر من مناسبة عن مواقفه السياسية، أبرزها معارضته الشديدة للانفصالية الكتالونية في إسبانيا، التي قاد فيها بيان “أحرار ومتساوون” سنة 2014.
قطيعة مع غابرييل غارسيا ماركيز… واللكمة التي أنهت “البووم”
واحدة من أكثر اللحظات إثارة في حياته كانت الخلاف مع غريمه وصديقه القديم غابرييل غارسيا ماركيز، بعد حادثة شهيرة عام 1976 حين وجه له لكمة في سينما بمدريد، أنهت صداقتهما للأبد.
السبب ظل طي الكتمان، وإن رجحت بعض الروايات تدخّل ماركيز في الحياة الزوجية ليوسّا.
إرث أدبي خالد
برحيل ماريو فارغاس يوسا، يفقد العالم صوتًا أدبيًا نادرًا، ومرآة صافية لواقع أمريكا اللاتينية المتأرجح بين الحلم والدم. الرجل الذي كتب عن الجيوش، والدكتاتوريات، والحب، والمآسي، رحل، لكنه ترك ما لا يُمحى: أدبًا سيُقرأ ويُدرّس لأجيال قادمة.