ليكيب نيوز
بقلم – عبد الفتاح تخيم
الجمعة 09 مايو 2025
في خطوة جديدة تعكس المكانة المتقدمة التي بات يحتلها المغرب في المجال الأمني على الصعيد الدولي، قاد عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، وفدًا أمنيًا رفيعًا إلى العاصمة النمساوية فيينا، للمشاركة في قمة أمنية دولية خصصت لمكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الاستخباراتي الإقليمي والدولي.
الزيارة التي امتدت على مدار يومين، 6 و7 ماي الجاري، جاءت في سياق مشاركة المملكة في الدورة الثانية والعشرين لاجتماع قادة أجهزة الاستخبارات والأمن بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بمشاركة دول من خارج الإقليم مثل تركيا وباكستان. هذا المنتدى الأمني، المنعقد تحت إشراف فريق الدعم التحليلي ورصد العقوبات التابع للأمم المتحدة، شكّل محطة محورية لتبادل الرؤى حول سبل مواجهة التهديدات الإرهابية المتجددة.
حضور مغربي وازن في محفل دولي رفيع
لم يكن حضور المغرب بقيادة الحموشي في هذا الحدث الأمني البارز مجرد مشاركة رمزية، بل عكس بجلاء الدور المركزي الذي باتت تلعبه المملكة في منظومة الأمن الإقليمي والدولي. وقد ناقش المشاركون في القمة التحولات التي تعرفها التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” و”القاعدة”، بعد خسارتها للعديد من معاقلها، فضلاً عن دراسة آليات تمويلها وتسليحها، وتوظيفها لوسائل الاتصال الحديثة، في وقت أصبحت فيه الشبكات الإرهابية أكثر تفككًا وتعقيدًا.
لقاءات استراتيجية مع شركاء إقليميين
وعلى هامش أشغال القمة، أجرى عبد اللطيف الحموشي سلسلة لقاءات ثنائية مع نظرائه من دول عربية وإسلامية، من بينها قطر، السعودية، الإمارات، تركيا وباكستان. وتمحورت هذه المباحثات حول التحديات الأمنية المشتركة، مع التركيز على تقوية جسور التنسيق العملياتي وتبادل المعلومات الاستخباراتية، في إطار مقاربة شاملة تقوم على الاستباقية والثقة المتبادلة.
المغرب.. نموذج في النجاعة الأمنية
أداء الأجهزة الأمنية المغربية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة لم يعد محل إشادة فقط، بل أصبح مرجعية دولية معتمدة. فحسب مؤشر الإرهاب العالمي، يُصنّف المغرب ضمن قائمة الدول ذات “المخاطر المنعدمة”، وهو ما يعكس فعالية مقاربته الأمنية المتكاملة، التي تمزج بين الحزم والاحترام الصارم لسيادة القانون وحقوق الإنسان.
هذا التميز الأمني تُرجم أيضًا إلى اعترافات دولية، حيث حصل الحموشي على أوسمة رفيعة من دول مثل فرنسا، إسبانيا، والإمارات، كما استُقبل في مناسبات عديدة من طرف كبار مسؤولي الاستخبارات في الولايات المتحدة وألمانيا، في دليل على متانة الشراكات الأمنية التي نسجها المغرب مع قوى عالمية.
شراكات متقدمة مع أوروبا
ويواصل المغرب توطيد شراكاته الأمنية، لا سيما مع دول أوروبا، حيث استقبل الحموشي مؤخرًا، يوم 23 أبريل، الجنرال لويس بيلايز بينيرو، رئيس الاستخبارات التابعة للحرس المدني الإسباني، في أول زيارة له إلى الخارج منذ توليه المنصب. وكان الحموشي نفسه قد زار إسبانيا في يناير الماضي، على رأس وفد أمني كبير، لمناقشة أوجه التعاون الثنائي وتفعيل تنسيق ثلاثي بين الرباط، مدريد، وبرلين، يهدف إلى خلق فضاء مشترك لتبادل التجارب والتصدي الجماعي للتحديات الأمنية.
مراكش تستعد لاحتضان العالم الأمني
وفي أفق تأكيد هذا الحضور الدولي المتنامي، يستعد المغرب لتنظيم الدورة 93 للجمعية العامة للإنتربول بمدينة مراكش خلال سنة 2025، وهو أكبر تجمع عالمي للأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون. ويأتي ذلك بعدما سبق للرباط أن احتضنت، سنة 2023، الدورة 47 لمؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب، كما يشغل المغرب حاليًا منصب نائب رئيس الإنتربول عن القارة الإفريقية.
خاتمة
بهذا الحضور الوازن والاعتراف الدولي المتنامي، يثبت المغرب – من خلال شخصية عبد اللطيف الحموشي ونهج مؤسساته الأمنية – أنه لم يعد مجرد طرف في معادلات الأمن الدولي، بل شريك موثوق وفاعل مبادر يُعوّل عليه في التصدي للتهديدات المتصاعدة، والدفاع عن السلم والاستقرار على المستوى الإقليمي والدولي