ليكيب نيوز
السبت 10 مايو 2025
في أجواء تفيض بعبق التاريخ وروح الأخوة الإسلامية، افتُتحت صباح اليوم بمدينة مراكش فعاليات الدورة الثانية من معرض “جسور”، وهو موعد ثقافي وديني رفيع يسعى إلى تسليط الضوء على العلاقات التاريخية العميقة بين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، من خلال عرض نفائس تراثية ومخطوطات إسلامية نادرة تُقدَّم للزوار في تجربة معرفية فريدة تمتد إلى غاية 20 ماي الجاري.
المعرض، الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب بشراكة مع نظيرتها السعودية، وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، يُشكل منصة لتعزيز أواصر التواصل الديني والثقافي، ورافعة لنشر قيم الوسطية والاعتدال التي يتقاسمها البلدان منذ قرون.
وشهد حفل الافتتاح حضور وفد رسمي رفيع المستوى، ضم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي السيد أحمد التوفيق، ونظيره السعودي الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، إلى جانب سفير المملكة العربية السعودية بالمغرب السيد سامي بن عبد الله الصالح، ووالي جهة مراكش آسفي السيد فريد شوراق. وقد قام الوفد بجولة تفقدية بين أركان المعرض التي تبرز عمق العلاقات الدينية والثقافية التي نسجها البلدان على مر العصور.
رُكنٌ لكل قصة.. وتجربة لكل زائر
يقدّم المعرض مجموعة من الأركان المتخصصة، من بينها “من صفحات الزمن” الذي يُعرض فيه كتب ومطبوعات نادرة، و”العناية بالقرآن الكريم” من إعداد مجمع الملك فهد، و”فن الحرف العربي” الذي يحتفي بجمالية الخط والهدايا التقليدية. أما ركن “طريق النور” فيعيد سرد رحلة الحجيج والعمّار، بينما يُبرز ركن “المساجد التاريخية” الإرث المعماري الإسلامي، وتُسلّط الأضواء أيضاً على المسابقات القرآنية، خصوصاً تلك المرتبطة بمسابقة الملك عبد العزيز الدولية.
كما يتيح المعرض للزوار تجارب تفاعلية معاصرة، مثل ركن “آفاق المستقبل” الذي يستعرض تكنولوجيا التواصل الديني، و”العبور الافتراضي” الذي يمنح تجربة واقع افتراضي فريدة، إلى جانب “مكتبة الزمن العتيق”، وركن الأطفال “حديقة البراعم”، وغيرها من الأركان التفاعلية التي تمزج بين التراث والتجديد.
رسائل أخوة وتكامل حضاري
في تصريح للصحافة، ثمّن الوزير السعودي عمق الشراكة الدينية بين البلدين، مؤكداً أن المعرض يُجسد الجهود المتواصلة لخدمة الإسلام والمسلمين، ويبرز التفاعل الإنساني والحضاري الذي يجمع المملكتين الشقيقتين.
بدوره، أكد السيد أحمد التوفيق أن هذه المبادرة تأتي في سياق ترسيخ الروابط الأخوية بين المغرب والسعودية، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وأشار إلى أن المعرض يفتح المجال أمام العموم لاستحضار الذاكرة المشتركة، وإعادة اكتشاف مسارات التلاقي والتعاون التي وسمت علاقة البلدين في الماضي والحاضر.
جسور.. ما بين الأمس واليوم
يمثل معرض “جسور” نموذجاً للتعاون الثقافي والديني الذي يتجاوز الجانب الرسمي ليطال الوجدان الشعبي، ويعكس كيف استطاع المغرب والسعودية الحفاظ على قنوات التواصل رغم اختلاف الجغرافيا، عبر مشاريع إنسانية ومبادرات علمية ودعوية تعزز المشترك وتُكرّس لثقافة الاعتدال والانفتاح.
في مدينة مراكش، حيث تختلط رائحة التاريخ بنبض الحاضر، يظل هذا المعرض شهادة حيّة على ما يجمع المغرب والسعودية من وشائج راسخة، تتجدد عبر الثقافة والدين والعمل المشترك، لتُبنى عليها جسور جديدة نحو المستقبل.