ليكيب نيوز
يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرهان على صورته كـ”صانع صفقات” في معاركه التجارية، حيث أعلن عن موجة جديدة من الرسوم الجمركية المشددة التي ستطال عشرات من شركاء الولايات المتحدة التجاريين، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً بشأن فعالية هذه السياسات وجدواها الاقتصادية.
ونشر البيت الأبيض صورة للرئيس وهو يُجري مكالمة هاتفية، مرفقة بتعليق يقول: “يجري اتصالات، يبرم صفقات، يعيد العظمة لأميركا!”، في رسالة مباشرة لتأكيد براعته في التفاوض.
ترامب، الذي يرى في الرسوم الجمركية أداة تُجسد القوة الاقتصادية الأميركية، لم يتردد الخميس في توقيع قرارات جمركية جديدة، لكن مع تعديل بسيط في الجدولة الزمنية؛ إذ تقرر بدء تطبيقها في السابع من أغسطس بدلاً من الأول، وهو ما أعاد إلى الأذهان انتقادات سابقة وصفته بأنه كثير التهديد، قليل التنفيذ.
رغم الانتقادات، يرى محللون أن الرئيس الأميركي لا يتراجع فعلاً عن استراتيجيته، بل يستثمر عنصر “المرونة” كأداة تفاوضية. ويؤكد خبير الاقتصاد الدولي ستيفن ليبسكي أن ترامب “ماضٍ في تنفيذ تعهداته، بل ويتجاوزها أحياناً”.
وتُعد الاتفاقات التجارية التي أبرمها ترامب مع الاتحاد الأوروبي، اليابان، وكوريا الجنوبية مؤشراً على سعيه لتحقيق مكاسب اقتصادية سريعة، رغم ضبابية التفاصيل حول هذه الصفقات، خاصة في مجالات استراتيجية كقطاع السيارات وأشباه الموصلات.
وفي هذا السياق، يُحذر خبراء من أن الغموض في الصفقات يُعد سيفاً ذو حدين، حيث يسمح لكل طرف بتقديم الاتفاق لجمهوره بأكثر الطرق إيجابية، لكنه يفتح الباب أيضاً لاتهامات بتضخيم الإنجازات أو التلاعب بالأرقام.
ويُعتبر كتاب “فن إبرام الصفقات” أحد المرتكزات الدعائية التي يستند إليها ترامب في تبرير نهجه التفاوضي، حيث يؤكد في نصوصه على أهمية “المرونة” وعدم التمسك باتفاق واحد أو مسار وحيد، وهو ما ينعكس بوضوح في تحركاته الحالية.
ومع ذلك، فإن التحديات الاقتصادية داخل الولايات المتحدة تلقي بظلالها على هذه السياسات، حيث أظهرت آخر استطلاعات الرأي أن 56% من الأميركيين غير راضين عن مقاربة ترامب التجارية، في حين أعرب 40% فقط عن دعمهم لها.
وتشير تقارير التوظيف الأخيرة إلى تباطؤ في سوق العمل، حيث سُجلت أرقام توظيف ضعيفة في شهري ماي ويونيو، لم تُسجّل منذ أزمة كوفيد-19، وهو ما يعزز المخاوف من أن السياسات الحمائية قد تكون ذات كلفة اقتصادية واجتماعية مرتفعة.
في المحصلة، يبدو أن ترامب متمسك بأدواته التفاوضية، مستنداً إلى صورة “الرئيس الصلب” في ملفاته التجارية، رغم مؤشرات داخلية وخارجية قد تجعل من هذه المعركة مغامرة محفوفة بالمخاطر، داخلياً وخارجياً.