ليكيب نيوز
في إطار دينامية متواصلة لتحديث الترسانة العسكرية وتقوية العقيدة الدفاعية، تسلم المغرب مؤخراً دفعة كبيرة من المركبات المدرعة الأمريكية من طراز M1117 Guardian، في إطار برنامج “المعدات الدفاعية الفائضة” الذي تشرف عليه وزارة الدفاع الأمريكية. وتأتي هذه الخطوة لتعزيز الجاهزية العملياتية للقوات المسلحة المغربية، وتأكيداً على عمق الشراكة الإستراتيجية بين الرباط وواشنطن.
تحالف دفاعي متعدد الأبعاد
يؤكد خبراء في الشأن الأمني أن العلاقات المغربية الأمريكية باتت تتخذ طابعاً استثنائياً، يتجاوز التعاون العسكري إلى تنسيق استراتيجي في عدد من الملفات الحيوية، خصوصاً ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، والاستقرار الإقليمي، والتهديدات المتصاعدة في منطقة الساحل والصحراء.
وقد تُوّج هذا التحالف بتوقيع “خارطة طريق دفاعية” للفترة 2020 – 2030، تشمل مجالات التكوين، والمناورات المشتركة، ونقل التكنولوجيا، إضافة إلى اقتناء أنظمة تسليح متطورة تشمل مروحيات “أباتشي”، ودبابات “أبرامز”، ومنظومات دفاع جوي “باتريوت”.
مناورات مكثفة وتموقع إقليمي
عملياً، يُترجم هذا التعاون من خلال المشاركة السنوية للقوات المسلحة الملكية في أكثر من 100 تمرين عسكري مع الجانب الأمريكي، أبرزها مناورات “الأسد الإفريقي” و**”أوبان غايم”**، والتي تعرف تنسيقاً ميدانياً عالي المستوى. وتم مؤخراً عقد اجتماع تحضيري لهذه الأخيرة في مدينة طنجة، تحضيراً للدورة المقبلة سنة 2026.
هذا التموقع العسكري يأتي في سياق الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهو ما عزز موقع المملكة كشريك موثوق للولايات المتحدة خارج إطار حلف الناتو.
رؤية ملكية لتحديث القوات المسلحة
يرى محللون أن اقتناء المغرب لدفعات جديدة من العتاد الأمريكي، وعلى رأسها مدرعات M1117، يندرج ضمن رؤية استراتيجية شاملة يشرف عليها الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، والتي تهدف إلى تأهيل المؤسسة العسكرية لمواجهة التحديات الجديدة، وتأمين حدود المملكة، والمساهمة الفعالة في عمليات حفظ السلام الدولية.
كما أن هذا التوجه ينسجم مع الأهداف الكبرى للمملكة استعداداً للاستحقاقات العالمية الكبرى، مثل استضافة نهائيات كأس العالم 2030، التي تتطلب تعزيز المرونة الأمنية والقدرة على التدخل السريع في مختلف السيناريوهات.
تحول في العقيدة الدفاعية والاشتباك
من جانبه، أكد خبراء في إدارة الأزمات وتحليل المخاطر أن دمج عربات M1117 Guardian ضمن المنظومة العسكرية المغربية يعكس تحوّلاً في عقيدة الجيش، نحو التركيز على التهديدات غير التقليدية، وعلى رأسها العبوات الناسفة، الألغام، والعمليات الهجينة.
تمتاز هذه المركبات المدرعة بقدرتها على المناورة العالية، ومستوى حماية باليستي قوي، مما يجعلها مناسبة للمهام الاستباقية، وتأمين خطوط الإمداد، ومهام الاستطلاع، خصوصاً في المناطق الصحراوية ومسرح العمليات منخفض الحدة.
جاهزية متقدمة للدرك الملكي
هذا التطوير لا يقتصر على القوات البرية فقط، بل يشمل أيضاً وحدات الدرك الملكي، الذي يلعب دوراً محورياً في حفظ النظام الداخلي والتدخل في حالات الطوارئ. ويُتوقع أن تعزز هذه المدرعات من فعالية تدخلاته في مواجهة الاضطرابات، ومواجهة سيناريوهات معقدة في الأمن الحضري والريفي على حد سواء.
شراكة تتجاوز التسليح
في المجمل، فإن حصول المغرب على هذه المعدات المتطورة لا يُعد صفقة عسكرية فقط، بل جزء من استراتيجية دفاعية متكاملة تقوم على التنسيق العملياتي، والتكامل مع الشركاء الدوليين، والاستعداد لمواجهة تحديات مستقبلية متسارعة، سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي.