ليكيب نيوز
تشكل إمارة المؤمنين في المملكة المغربية عمودًا فقريًا للحكم، حيث تتقاطع الشرعية الدينية مع المسؤولية السياسية ضمن إطار دستوري واضح، يوازن بين المرجعية الروحية ومتطلبات الدولة الحديثة.
من خلال الفصل 41 من الدستور المغربي، تبرز إمارة المؤمنين كآلية دستورية تؤمن الاستمرارية والتماسك، وتُضفي طابعًا خاصًا على طبيعة السلطة في المغرب. فهي ليست مجرد لقب رمزي، بل مؤسسة أصيلة تقوم على أساس ديني متين، مستندة إلى البيعة الشرعية ومقاصد الشريعة، وتتكامل مع مشروع سياسي وتنموي متجدد.
الملك، بصفته أميرًا للمؤمنين، يمارس وظائف دينية تتجلى في حماية الملة والدين، وفي الوقت نفسه يضطلع بمهام سياسية بصفته رئيس الدولة. هذا التداخل المحسوب بين الصفتين يخلق نموذجًا مغربيًا فريدًا، يحمي الدين من الاستغلال السياسي، ويمنع في الوقت ذاته انزلاق الدولة نحو الفوضى العقائدية أو النزاعات الدينية.
في السنوات الأخيرة، اتضحت معالم رؤية استراتيجية قادها العاهل المغربي، تمحورت حول إصلاحات عميقة تمس مجالات حيوية: السياسة، الاقتصاد، الدين، والدبلوماسية. فكان الدستور الجديد، والإصلاح الجهوي، ومشاريع البنية التحتية الكبرى، وتحديث الخطاب الديني، مؤشرات دالة على نهج استباقي يضع المواطن في صلب الاهتمام، ويضمن سيادة المؤسسات.
كما برز الحضور المغربي على الصعيد الإفريقي والدولي عبر دبلوماسية نشطة وفعالة، تعكسها مبادرات من قبيل العودة إلى الاتحاد الإفريقي، والانخراط في قضايا السلم والأمن بالقارة، فضلًا عن الدفاع المستمر عن مغربية الصحراء.
ولا يمكن إغفال العمل الديني المؤسساتي الذي رسّخ مرجعية دينية مغربية معتدلة، عبر تقوية المجالس العلمية، وضبط الفتوى، وتأطير الحقل الديني في إطار يحترم الثوابت ويتجاوب مع التحولات.
إن مؤسسة إمارة المؤمنين، بما تحمله من حمولة دينية وتاريخية واستراتيجية، تمثل صمام أمان لاستقرار المغرب، وضمانًا لتوازن هويته الدينية والوطنية، وهي نموذج فريد يستحق التقدير في عالم يعاني من التوترات العقائدية والسياسية.