ليكيب نيوز
أطلقت السلطات الصينية أكبر حملة صحية في تاريخها الحديث لمواجهة تفشي فيروس “شيكونغونيا”، الذي اجتاح جنوب البلاد منذ منتصف يونيو، متسببًا في إصابة نحو عشرة آلاف شخص حتى 17 غشت الجاري، مع تسجيل بؤر رئيسية في مدينتي فوشان وكانتون، وانتقال العدوى إلى هونغ كونغ بعد إصابة شاب عائد من الأراضي الصينية.
ينتقل الفيروس عبر لسعات بعوض “الزاعجة”، وتتمثل أعراضه في حمى مرتفعة وآلام مفصلية حادة. وقد ساهمت الأمطار الموسمية الغزيرة وما صاحبها من فيضانات، إلى جانب عوامل مناخية وتوسّع التبادل التجاري، في خلق بيئة مثالية لتكاثر البعوض وتعزيز مخاطر تحوّل المرض إلى وباء مستوطن.
واتخذت السلطات إجراءات صارمة شملت إدخال بعض المرضى إلى المستشفيات بشكل إلزامي، وتكليف فرق صحية بجولات ميدانية لإزالة بؤر تجمع المياه الراكدة، فضلاً عن حملات رش واسعة للمبيدات، وفرض غرامات على مؤسسات لم تحترم التدابير الوقائية. وأعادت هذه الصرامة إلى الأذهان الإجراءات المشددة التي رافقت جائحة كوفيد-19، وأثارت موجة تململ بين بعض السكان، رغم حملات التوعية التي شددت على أن الفيروس “قابل للتجنب والسيطرة والعلاج”.
ومن بين التدابير المبتكرة، أطلقت الصين تطبيقًا إلكترونيًا لرصد كثافة البعوض في الأحياء، كما استعانت بتربية أسماك تتغذى على يرقات البعوض في المسطحات المائية، وأطلقت نحو أربعين مليون بعوضة ذكر عقيم لكسر دورة التكاثر. كما استُخدمت طائرات مسيّرة لرش المبيدات فوق بعض المناطق السكنية، وهو ما أثار انتقادات علمية بشأن المخاطر البيئية وإمكانية نشوء مقاومة لدى الحشرات.
ورغم سرعة انتشار العدوى، نقلت وكالة الأنباء الرسمية “شينخوا” عن السلطات الصحية مؤشرات إيجابية في مدينة فوشان، حيث تراجع معدل الإصابات اليومية من نحو 600 إلى 100 حالة فقط. ومع ذلك، حذر خبراء من أن التغير المناخي قد يطيل موسم تكاثر البعوض في جنوب الصين، مما يرفع احتمالية تحول أمراض مثل “شيكونغونيا” و”الضنك” إلى أوبئة مستوطنة، وهو ما يتطلب استراتيجيات وقائية طويلة الأمد واستثمارًا متزايدًا في الصحة العامة.