ليكيب نيوز
يشهد المغرب تحولا استراتيجيا في تموقعه الاقتصادي على مستوى القارة الإفريقية، إذ بات يشكل منصة مفضلة لدى عدد من صناديق الاستثمار البريطانية والدولية، التي ترى فيه قاعدة عمليات مستقرة ومؤهلة للتوسع نحو إفريقيا جنوب الصحراء، بفضل بنياته التحتية المتقدمة وإصلاحاته التنظيمية العميقة.
خلال السنوات الأخيرة، أصبحت عوامل الجاذبية الاستثمارية في القارة تُقاس بما هو أبعد من الموقع الجغرافي، حيث تزايد التركيز على الاستقرار المؤسساتي، مرونة الإطار القانوني، وتوفر قنوات تمويل حديثة. وفي هذا الإطار، برز المغرب كخيار مثالي لصناديق الاستثمار الهيكلية ذات الآفاق الطويلة، التي تفضل البيئات الآمنة والمستقرة.
وقد ساهمت مجموعة من العوامل في تعزيز هذا التوجه، أبرزها تطور الشراكة بين القطاعين العام والخاص، واتساع قاعدة الاستهلاك الداخلي، وتعدد القطاعات الواعدة التي تستقطب رؤوس الأموال، من الزراعة إلى الصناعة والخدمات.
عدد من الصناديق الاستثمارية الكبرى، مثل “شركاء التنمية الدولية” و”Helios Investment Partners” و”Alta Semper Capital”، قررت اعتماد المغرب كمنصة انطلاق نحو أسواق غرب ووسط إفريقيا. وقد شملت تدخلاتها مشاريع في مجالات متنوعة، كأنظمة الري المتطورة، والصناعات التحويلية، والتوزيع التجاري منخفض التكلفة، مع رهانات واضحة على بناء منظومات إنتاجية تمتد إقليمياً انطلاقاً من المملكة.
ولم تعد هذه الاستثمارات تقتصر على إنشاء وحدات محلية، بل تتجه نحو بناء شبكات أعمال مندمجة، تعتمد على استراتيجيات الاستحواذ، الاندماج، والتحول الإداري والتقني، بما يعزز قدرة المغرب على تصدير خدماته وكفاءاته نحو عمق القارة.
ويؤكد محللون اقتصاديون أن البيئة الإصلاحية التي أرساها المغرب في العقود الأخيرة، خصوصاً على مستوى الحوكمة والتمويل وتحديث مناخ الأعمال، كانت عاملاً حاسماً في ترسيخ الثقة لدى المستثمرين، خاصة مع توفر رؤية وطنية واضحة قوامها الاستدامة والتكامل المؤسساتي.
وبهذا التموقع الجديد، لم يعد المغرب مجرد وجهة عابرة للاستثمارات، بل تحول إلى قاعدة مركزية لإنتاج القيمة المضافة، وتصدير الحلول الاقتصادية عبر بوابة إفريقيا، في سياق يتطلب من دول المنطقة تأهيلاً مؤسساتياً قادراً على استيعاب رهانات العولمة والتكامل الإقليمي.