ليكيب نيوز
تشهد الساحة التونسية احتداماً غير مسبوق في العلاقة بين رئاسة الجمهورية والاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، بعد سلسلة من المواقف المتبادلة التي فتحت الباب أمام مواجهة مفتوحة بين الطرفين.
بداية الأزمة تعود إلى احتجاجات رفعت شعارات ضد قيادة الاتحاد، عقب إضراب استمر ثلاثة أيام في قطاع النقل. الرئيس التونسي اعتبر أن ما حدث يندرج في إطار “المحاسبة وفتح الملفات”، فيما ردّت قيادة الاتحاد باتهام السلطة بمحاولة الضغط على النقابيين عبر استهدافهم بتهم “الفساد”.
من جهته، أكد الاتحاد أنّه لن يقبل بـ”تكميم الأفواه”، معلناً عن تنظيم مسيرة احتجاجية للدفاع عن العمل النقابي واستئناف المفاوضات الاجتماعية المتوقفة مع الحكومة، مع التلويح بإضراب عام إذا استمر التصعيد.
الأزمة الحالية تعيد إلى الأذهان محطات تاريخية واجه فيها الاتحاد تحديات كبرى منذ تأسيسه عام 1946، إذ لعب دوراً محورياً خلال مرحلة الاستقلال، وفي انتفاضات اجتماعية متعاقبة وصولاً إلى ثورة 2011، حيث ساهم في إنجاح الحوار الوطني الذي جنّب البلاد انزلاقاً سياسياً خطيراً.
ويرى مراقبون أن الصراع القائم يحمل أبعاداً تتجاوز الخلافات النقابية، لكونه يندرج في سياق تراجع الفضاء المدني منذ 2021، وتنامي المخاوف من التضييق على المنظمات المستقلة. وفي الوقت نفسه، تبرز انقسامات داخل الاتحاد ذاته، مع دعوات إصلاحية من بعض أجنحته تطالب بإنهاء حالة التوتر الداخلي وإعادة ترتيب البيت النقابي.
وبينما يؤكد الرئيس أن الحريات مصونة وفق دستور 2022، تحذّر منظمات حقوقية من أن التصعيد ضد النقابات يهدّد أحد آخر أعمدة الديمقراطية في تونس. الأمر الذي يجعل المرحلة المقبلة مفتوحة على احتمالات متعددة، من الحوار إلى التصعيد، في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة تضغط على مختلف الأطراف.