ليكيب نيوز
السبت 29 مارس 2025 – 14:08
متابعة : ت-ع
في إطار الجهود المبذولة لإصلاح قطاع الرياضة بالمغرب، تقدمت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمقترح قانون يرمي إلى إحداث “المجلس الأعلى للرياضة”، وهو كيان جديد يهدف إلى جعل الرياضة رافعة اقتصادية، بعيدًا عن كونها مجرد نشاط ترفيهي، وذلك بالنظر إلى دورها المتنامي في تحريك عجلة التنمية وخلق فرص الشغل.
ويستند مقترح الحزب إلى واقع متقلب للرياضة المغربية، التي عرفت منذ الاستقلال تغيرات متكررة في تبعيتها الحكومية، حيث انتقلت بين عدة وزارات وهيئات لأكثر من 13 مرة، مما ساهم في غياب استقرار إداري واضح. فبعد أن كانت كتابة دولة، تحولت أحيانًا إلى قطاع مشترك مع الشباب، ثم إلى مديرية تحت إشراف الوزير الأول، إلى أن أصبحت اليوم مجرد مديرية تابعة لوزارة التربية الوطنية.
ويرى واضعو المشروع أن المجلس المزمع إحداثه سيكون بمثابة هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، مما سيمكنه من تدبير شؤون الرياضة بكفاءة أكبر، عبر تبني مقاربة تشاركية تجمع مختلف الفاعلين في المجال الرياضي.
آليات التمويل والموارد البشرية
يقترح المشروع تمويل المجلس عبر مجموعة من الموارد، أبرزها الإعانات المالية من الدولة، واقتطاعات من الضرائب المفروضة على المشروبات المحلاة والمواد السكرية، إضافة إلى موارد أخرى كالمنح والهبات والضرائب المرتبطة بالنقل السمعي البصري وعبر الإنترنت.
أما على مستوى الموارد البشرية، فسيعتمد المجلس على موظفين يتم توظيفهم وفق نظامه الأساسي، بالإضافة إلى إمكانية إلحاق موظفين من إدارات أخرى أو تشغيل خبراء بموجب عقود، لضمان فعالية تنفيذ مهامه.
اختصاصات المجلس ودوره في الإصلاح الرياضي
سيُكلَّف المجلس بوضع استراتيجيات رياضية متعددة السنوات، والمساهمة في تقييم السياسات العمومية المتعلقة بالرياضة، وتقديم مقترحات تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار في القطاع الرياضي، سعياً لبناء اقتصاد رياضي قوي قادر على إنتاج الثروة.
كما سيعمل المجلس على ضمان استمرارية عمل الدولة في المجال الرياضي، وتقديم آراء استشارية بشأن السياسات العمومية الخاصة بالرياضة والتكوين والبحث العلمي المرتبط بها، مما يعزز من تطوير المنظومة الرياضية الوطنية.
إصلاحات تواكب النقاش المجتمعي
يأتي هذا المقترح التشريعي في سياق النقاش الواسع الذي تشهده الساحة الرياضية المغربية، خاصة بعد النتائج المخيبة للآمال التي حققتها الرياضة الوطنية خلال أولمبياد باريس 2024. وقد زادت هذه النتائج من الأصوات المطالبة بضرورة تفعيل مبدأ المحاسبة داخل الجامعات الرياضية، لا سيما ضد المسؤولين الذين شغلوا مناصبهم لفترات طويلة دون تحقيق نتائج تذكر.
وفي هذا الإطار، يقترح القانون تحديد ولاية رئيس المجلس الأعلى للرياضة في أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، مع منع الجمع بين العضوية في المجلس وأي انتداب انتخابي أو وظيفة عمومية، فضلاً عن حظر امتلاك أعضاء المجلس لأي مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في مقاولات تنشط في المجال الرياضي.
كما ينص المقترح على إحلال المجلس الجديد محل مديرية الرياضة بوزارة التربية الوطنية، مع نقل جميع ممتلكاتها من عقارات ومنقولات إلى المجلس، إضافة إلى نقل الموظفين والمستخدمين التابعين لها، لضمان استمرارية العمل الإداري دون انقطاع.
ويستند النواب في طرحهم لهذا المشروع إلى مقتضيات الدستور المغربي والقانون الإطار رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، إلى جانب الرسالة الملكية الموجهة إلى المناظرة الوطنية الأولى حول الرياضة سنة 2008، ورأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول “اقتصاد الرياضة”.
نحو مستقبل رياضي أكثر استقرارًا
يمثل هذا المقترح خطوة جادة نحو إعادة هيكلة القطاع الرياضي بالمغرب، عبر إرساء مؤسسة ذات استقلالية تضمن الاستمرارية والتخطيط طويل الأمد، وهو ما قد يساهم في تطوير الرياضة الوطنية، ليس فقط من حيث الإنجازات، ولكن أيضًا من حيث جعلها محركًا حقيقيًا للاقتصاد الوطني.