ليكيب نيوز
في زيارة رسمية إلى العاصمة الإيطالية روما، حرص الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على طرح ملف الصحراء ضمن أجندة لقائه مع رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، في إطار أشغال اللجنة الثنائية العليا بين البلدين، التي تخللتها اتفاقيات في مجالات متعددة أبرزها الطاقة والتعاون الأمني والعلمي.
ورغم الطابع الاقتصادي الغالب على الزيارة، لم يفوّت الرئيس الجزائري الفرصة لإقحام قضية الصحراء، حيث صرح في مؤتمر صحافي مشترك أن بلاده وإيطاليا تدعمان جهود المبعوث الأممي، ستافان دي ميستورا، من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع، بما يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير.
هذا التصريح اعتُبر محاولة من الجزائر لإعادة تدوير خطابها التقليدي، في وقت أصبحت فيه العديد من العواصم الأوروبية، على رأسها باريس ومدريد، تنظر إلى مقترح الحكم الذاتي المغربي كأرضية واقعية وجادة لحل النزاع الممتد منذ عقود.
وفيما تحافظ روما على توازنها الرسمي وعدم انحيازها المباشر لأي من أطراف النزاع، يرى مراقبون أن الجزائر تحاول استثمار علاقاتها الاقتصادية وموقعها الجغرافي للضغط على شركاء أوروبيين من أجل كبح موجة الاعترافات المتزايدة بمغربية الصحراء.
من جانبه، اعتبر عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة غير حكومية تعنى بالشأن الإفريقي، أن الزيارة حملت طابعاً مزدوجاً: اقتصادي في الشكل، وسياسي في المضمون، مبرزاً أن توقيع عشرات الاتفاقيات لا يخفي حقيقة أن الجزائر تسعى لاستمالة الحليف الإيطالي لمواقف مناوئة للمغرب، ولو على حساب مصالح شعبها الداخلية.
وأشار الكاين إلى أن الجزائر تشهد تراجعاً ملحوظاً في تأثيرها الدبلوماسي، سواء بسبب توتر علاقاتها مع بعض القوى الكبرى، أو فشلها في اختراق تحالفات وازنة كـ”بريكس”، مضيفاً أن استغلال ملفات حساسة مثل فلسطين أو الساحل ضمن هذا السياق هو نوع من المزايدة السياسية، يهدف إلى التغطية على عزلة الجزائر المتزايدة في المشهد الإقليمي والدولي.
أما الباحث في العلاقات الدولية جواد القسمي، فذهب إلى اعتبار أن الموقف الإيطالي يعكس حرصاً على مصالح اقتصادية واستراتيجية دون الدخول في نزاع غير محسوم، مشدداً على أن التركيز الجزائري على الملف الصحراوي في كل مناسبة لم يعد يلقى الصدى نفسه، خاصة مع تنامي قناعة المجتمع الدولي بأن الحل يجب أن يكون واقعياً ومبنيًا على التوافق لا على منطق الاستفتاءات الجامدة.
ويرى المتتبعون أن تصريحات تبون، التي لم تأت بجديد من حيث المضمون، تسعى لتثبيت سردية أصبحت متجاوزة، في ظل المعطيات الجديدة على الأرض، وتحول ديناميات التأييد الدولي لفائدة المبادرة المغربية.
وفي ختام زيارته، حاول تبون التأكيد على أهمية العلاقات الجزائرية الإيطالية، لكن المراقبين اعتبروا أن الغاية الحقيقية من التحرك لم تكن اقتصادية صرفة، بل سياسية بالدرجة الأولى، وسط تساؤلات متزايدة حول فعالية هذا النهج في ظل تغير موازين القوى وانكشاف هشاشة الطرح الانفصالي أمام المقترحات الواقعية التي تزداد دعماً يوماً بعد آخر.