ليكيب نيوز
بقلم : عبد الفتاح تخيم
الاربعاء 23 أبريل 2025
في لحظة فارقة من تاريخ القضاء المغربي، توج القاضي محمد رضوان، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، مساء أمس الثلاثاء، رئيسًا للمجموعة الإفريقية التابعة للاتحاد الدولي للقضاة، وذلك في ختام أشغال المؤتمر الإفريقي المنعقد بالمملكة المغربية تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الفترة ما بين 21 و24 أبريل الجاري، تحت شعار: “من أجل قضاء إفريقي مستقل.”
هذا التتويج غير المسبوق يمثل محطة مفصلية في مسار انخراط المغرب داخل الهياكل القضائية الدولية، ويُعد خطوة استراتيجية تُمهّد الطريق أمام ترشيح محمد رضوان لمنصب نائب رئيس الاتحاد الدولي للقضاة، خلال المؤتمر الدولي المرتقب في العاصمة الأذربيجانية باكو، شهر أكتوبر المقبل.
منافسة حامية وإجماع إفريقي
لم يكن الظفر بهذه الرئاسة بالأمر السهل، فقد واجه رضوان منافسة قوية من قضاة مرموقين، على رأسهم رئيسة الاتحاد الوطني للقضاة في ساحل العاج، والرئيسة السابقة للمجموعة، إلى جانب رئيسة جمعية القضاة التونسيين. غير أن الدعم الواسع الذي حظي به المرشح المغربي، وكفاءته المشهودة، ساهما في نيله ثقة أعضاء المجموعة الإفريقية.
كلمة وازنة لرئيس الودادية
في كلمته الافتتاحية، عبّر محمد رضوان عن فخره باستضافة المغرب لهذا الحدث القاري الهام، مؤكداً على أن الاتحاد الدولي للقضاة يشكل فضاءً عالمياً للدفاع عن استقلال القضاء، ولحماية الحقوق والحريات، ولتبادل التجارب القانونية والقضائية.
وأشار إلى الدور الريادي الذي لعبته الودادية الحسنية منذ انضمامها إلى الاتحاد الدولي، معتبراً أن انخراطها يأتي في سياق الانفتاح على التجارب العالمية، والاستفادة منها لتقوية مهنية القضاة المغاربة وتعزيز مكانة السلطة القضائية بالمملكة.
استحضار البعد الملكي والإفريقي
لم يغفل السيد رضوان للإشارة إلى الخطاب الملكي التاريخي في غشت 2009، الذي شكل نقطة انطلاق لإصلاح شامل لمنظومة العدالة في المغرب، وهو الخطاب الذي حث على استقلال القضاء كشرط أساسي لدولة الحق والقانون. كما ذكّر بمبادرة جلالة الملك الأخيرة بشأن تهيئة الواجهة الأطلسية كفضاء للتكامل الإفريقي، مقترحاً تحويل هذا المشروع إلى منصة للعدالة وحقوق الإنسان على امتداد القارة.
رسائل شكر ودعوة للعمل الجماعي
واختتم رضوان كلمته بتوجيه عبارات الامتنان إلى كافة الشركاء، من مؤسسات وأفراد، ممن ساهموا في إنجاح المؤتمر، مشيداً بدعم المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، ووزارة العدل. وأكد أن العمل الجماعي وروح التضامن المهني هي السبيل لترسيخ سلطة قضائية قوية، مستقلة ونزيهة.
إشعاع مغربي متجدد في الفضاء الإفريقي
يأتي هذا الإنجاز ليكرّس موقع المغرب كفاعل رئيسي في محيطه الإفريقي، لا فقط سياسياً واقتصادياً، بل أيضاً قانونياً وقضائياً. ويؤكد أن التجربة المغربية في إصلاح العدالة أضحت مرجعاً إقليمياً، قابلاً للتصدير، ومن شأنه أن يسهم في بناء سلطة قضائية إفريقية قادرة على مواكبة تطلعات شعوبها.
وفي ظل التحديات التي تواجه استقلال القضاء في القارة، يبرز الدور المنتظر من القيادة المغربية الجديدة للمجموعة الإفريقية، كصوت موحد يعكس تطلعات القضاة الأفارقة ويجسد إرادة الشعوب في عدالة ناجعة وعادلة.